قدمت حركة “معا” ملاحظاتها وقراءاتها مشروع قانون المالية 2022، تنزيلا “لورشها المفتوح منذ تنصيب الحكومة “التزموا معنا”، موردة أنها رصدت ملاحظات “بعد ورشات متتالية لخبراء الحركة”، موضحة أن أولى هذه الملاحظات تحمل طابعا إيجابيا باعتبار الميزانية المرصودة للاستثمار العمومي، مما يؤشر إلى انتهاج سياسة مالية توسعية خالفت الدعوات إلى انتهاج سياسة تقشفية.
وقالت حركة معا أن ثاني الملاحظات الإيجابية، تضيف الحركة، تتعلق بفتح ورش التغطية الاجتماعية المعممة خلال السنة القادمة في أفق استكمال البرنامج المرحلي سنة 2025. وثالث الإجراءات الاجتماعية الرفع من ميزانيتي قطاعي التعليم والصحة ب 9 ملايير درهم برسم السنة المقبلة، كما ثمنت الحركة في بلاغ لها اطلع عليه موقع مغربـ28 الإجراءات “الساعية للاستمرار في إنعاش الاقتصاد الوطني في فترة ما بعد الجائحة وتعزيز الإمكانيات الاقتصادية للمواطنين المغاربة خاصة من يعيش منهم في مستوى الهشاشة، وتحسين الولوج للخدمات العمومية الأساسية”.
تقول معا إذا كانت الإجراءات المتخذة “تستحق من حيث المبدإ التنويه، فإننا في حركة معا نتساءل عن الجدوى الاقتصادية وتأثيرها على مستوى النمو الاقتصادي، بل نتساءل عن إمكانية تنزيلها مع مستوى نمو متوقع يصل إلى 3.2 في المائة والذي بالكاد سيعيد الاقتصاد الوطني إلى مستوى سنة 2019 ما قبل الجائحة”.
وقال الحركة عن مشروع قانون المالية مع البرامج الانتخابية للأحزاب المشكلة للأغلبية التي تحدثت عن نمو مستديم وقوي، وعن شروط الإقلاع الاقتصادي التي رهنها تقرير النموذج التنموي الجديد بنمو يصل 6 في المائة، وتخطي فخ النمو المتوسط الذي يكبل الاقتصاد الوطني والذي لم يتجاوز معدل 3.5 في المائة خلال العشرية الأخيرة.
وطرحت الحركة إشكالا بنيويا للاقتصاد المغربي والمرتبط بمستويات الاستثمار والنمو المترتب عنه، حيث يتعدى معدل الاستثمار بالنسبة للناتج الداخلي الخام 30 في المائة، بنسب نمو متوسط لا تتعدى 3.5 في المائة كما أسلفنا، بينما تأثيره في بلدان أخرى صاعدة كتركيا والفيتنام والتايلاند وماليزيا… يتعدى 5.5 في المائة إلى 6 في المائة كنسب نمو سنوية، رغم أن معدلات الاستثمار فيها لا تتعدى 25 في المائة. كما رصدت أن الجهد الاستثماري مركز في القطاع العام بنسبة تتعدى 60 في المائة، مع يصاحب ذلك من إشكالات مرتبطة بالأثر الاقتصادي وتوفير بيئة مساعدة على استشراء الفساد وصعوبة آليات المراقبة وعدم تنزيل المشاريع (نسبة إنجاز ميزانية الاستثمار العمومي لا تتعدى 75 في المائة). هذه النسبة (60 في المائة) تبقى جد مرتفعة بالمقارنة مع معدل 15 في المائة المسجل في الدول السابق ذكرها.
وأشارت الحركة إلى أن مشروع المالية قدم رقم 125 ألف منصب شغل سيتم خلقه خلال السنة القادمة، وهو رقم، حسب تعبيرها، “يطرح تساؤلين مهمين: كيف يمكن خلق هذا الرقم بنسبة النمو المعلنة أي أن كل نقطة نمو تخلق أزيد من 39 ألف منصب شغل، علما أن المعدل الحالي لا يتعدى 25 ألف منصب شغل لكل نقطة نمو؟ ثم كيف يمكن تحقيق رقم مليون منصب شغل الذي أعلن عنه في البرنامج الحكومي خلال 5 سنوات أي بمعدل 200 ألف منصب، الذي يفوق الرقم المعلن عنه ب 75 ألف منصب، وذلك رغم الجهد الاستثماري الاستثنائي غير المسبوق خلال هذه السنة؟ إضافة إلى الأرقام المعلنة، تستمر الحكومة في سياسية التوظيف الجهوي دونما تأطير قانوني مناسب بخلق 17 ألف منصب في قطاع التعليم يتم تمويلها من نفقات المعدات، مما يتناقض مع البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية، ويؤجل الحسم في ملف يتخذ شكل كرة ثلج تتضخم في قطاع حيوي يخوض رهان الإصلاح بتنزيل مضامين القانون الإطار لمنظومة التربية والتكوين”.
وقالت “معا” إن مشروع المالية 2022 بنى توقعاته على أساس معدل تضخم يصل إلى 1.2 في المائة، وهو معدل مرتفع عن السنوات الماضية بسبب ارتفاع الأسعار في أسواق المواد الأولية العالمية. هذه النسبة المتحكم فيها ترجع بالأساس إلى اعتماد المغرب سياسة دعم أسعار غاز البوتان التي ارتفعت بأكثر من 300 في المائة، وبلغ مستوى نفقات المقاصة المرتبطة به 2.2 في المائة من مجموع النفقات العمومية. بخصوص هذا الرقم الضخم، نتساءل في حركة معا عن المستفيدين من هذا الدعم وعن نسبة الاستهلاك المنزلي من مجموع الوطني الذي يعد من أكبر الاستهلاكات على الرغم من كوننا دولة تستورد كل حاجياتها من الغاز”.
وأضاف البلاغ، “إلا أن الإجراءات المنصوص عليها في مشروع قانون 2022 تبقى محتشمة بخصوص دعم القدرة الشرائية للمواطنين. تضيف الحركة، فقد تصاعدت أصوات الاحتجاجات بخصوص الزيادات الأخيرة التي شهدتها مجموعة من المواد الأساسية كالقمح والزيوت النباتية والمواد الأولية… في هذا السياق، كنا نتوقع من الحكومة تقديم مقترحات لمراجعة الضريبة على القيمة المضافة وحقوق الجمارك والضريبة الداخلية على الاستهلاك لمواجهة تبعات التضخم المستورد وحماية القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة وتخفيف كلفة الإنتاج للمقاولات المغربية والرفع من تنافسيتها”.
هذا ودعت الحركة، الحكومة إلى سياسة استباقية توقعية للارتفاع المستمر للأسعار في أسواق المواد الأولية، والتي تؤشر التوقعات على استمرار موجة التضخم في الانتشار كإحدى تبعات ارتفاع الطلب واسترجاع النشاط الاقتصادي لمستوياته السابقة وارتفاع تكاليف النقل واللوجستيك والعودة التدريجية لوحدات الإنتاج… ويشكل الاستثمار في المشتقات المالية أحد أنجع السبل للحماية من تقلبات السوق الدولية، والتي تتيح تأمينا مستقبليا للاقتصاد الوطني.