اكتسى الملحون ازهى حلة مع المسرحي عبد المجيد فنيش، في العرض ماقبل الاول لملحمة الملحون المغربي: ديوان الهوية والقضايا الوطنية, على خشبة مركز التنشيط الفني والثقافي تابريكت في مدينة سلا ،الخميس 17 نونبر في اطار برنامج الافتتاح الرسمي لهذا المركز تزامنا مع ذكرى عيد الاستقلال.
فأمام جمهور من المثقفين والفنانين والجمعويين، ارتقت خشبة المركز مجموعة (أكثر من30) من الممثلين والموسيقيين والمنشدين، من ثلاثة أجيال فنية ومن مدن مغربية، داخل ديكور غاية في الجمال والاثارة، مع تعدد مستوياته، وقد زادته الانارة اثارة، فكان الفضاء هو مقهى مغربيا أصيلا عبارة عن نادي ثقافي يلتقي فيه عشاق الفنون والأدب يوميا لتحقيق المؤانسة من خلال النبش في خفايا الشعر الملحون، و تحقيق الامتاع عبر الأداء السردي والتشخيصي لبعض المقتطفات من القصائد، ثم أداءها بطرق تجمع بين الفردي والثنائي والجماعي.
تلتحق بهذا الفضاء سيدة تراس جمعية لتكوين الشباب في اداء الملحون، ومعها طالبة تعد بحثا جامعيا حول الملحون، وتعلنان انهما تسعيان الى العيش مدة في قرب مع رجال ونساء الملحون داخل المقهى ، من اجل التقاط تفاصيل ثقافة شعبية لم تتوفر من خلال المراجع.
يرحب أفراد أسرة المقهى بالطالبتين، و يقترحون عليهما العيش معهم لحظات غير مسبوقة، سيقدمون خلالها بالتمثيل وبالإنشاذ معطيات حول محطات من تاريخ المغرب ارخ ووثق لها الملحون بأسلوبه الخاص.
وهكذا، تنساب لوحات هذا العمل – الذي دام 100 دقيقة – بدءا من التعريف بماهية الملحون، ثم كيف وثق هذا الفن لتأسيس ومسارات وماثر الدول التي تعاقبت على حكم المغرب منذ الادارسة، وصولا الى الدولة العلوية.
وركز العرض على محاور مركزية منها اساسا، البيعة، امارة المومنين، الدفاع عن السيادة المغربية، كما لم يخل العمل من اشارات الى ان الملحون واكب التحولات الاجتماعية التي عرفها المغرب.
فبأسلوب شيق تراكمت في العمل معطيات في شبه تلقين للمتلقي وخصوصًا الشباب الذين لم يتمكنوا من التعرف على بعض خصوصيات الامة المغربية.
كما رافع العرض بالحجج الثابتة على السبق المغربي المتميز في إرساء وتثبيت وتأهيل الملحون، مع تحقيق إنتشاره في الجوار.
وخلصت هاته الملحمة إلى أن الملحون هو فعلا سجل تاريخي بلغة فنية وبلاغية ، وأن صيانته واشعاعه والإبقاء على توهجه، هي رهانات كبيرة يجب أن تنخرط فيها الدولة والفعاليات المشتغلة في هذا المجال، وكذا المؤسسات المعنية بالهوية المغربية.
كما نوهت الملحمة – التي أعدها وأخرجها الفنان فنيش- ، بالحيوية التي أحدثتها أكاديمية المملكة المغربية في برامج توثيق وترويج الملحون.
وانتهز المبدع فنيش وقوف الجمهور تحية لهاته المحطة الماتعة، ليؤكد في كلمة موجزة أن هذا العمل كلف جهدًا كبيرًا وبالحدود الدنيا للإمكانيات، ولذلك فهو لا يقبل مطلقًا أن يموت هذا المشروع مع عرضه الأول، و طالب من المسؤولين عن الثقافة بضرورة توفير شروط تنظيم جولة بالملحمة ،وأساسا خارج المملكة، في إطار دعم ترشيح الملحون المغربي لدى اليونسكو، ليحصل على الترتيب المستحق كتراث انساني.
ومعلوم ان عبد المجيد ، قد انخرط منذ اكثر من ثلاثين سنة في برنامج لمسرحة الملحون، وانه انجز في هذا الاطار خمسة عشر عملا تجاوز عدد المشتغلين فيها الالف (1000)مابين مؤلفين وشعراء وممثلين وموسيقيين ومنشدين وتقنيين من المغرب ومن خارجه.
هشام أيوب